الحصيلة . . .2013
2013 , هي سنة الراب الفايسبووكي بإمتياز , نجح الراب الجزائري في إحتلال
مكانة لا بأس بها على موقعي الفايسبووك و اليوتيوب مقارنة بالسنوات التي مضت , حيث
حقق نسب مشاهدة جد عالية على موقع اليوتيوب وصلت إلى نصف المليون في بعض
الحالات .
هي أرقام قد تبشر بخير من وجهة نظر البعض و تدل على أن الراب بدأ يستهوي
الجماهير المستهلكة بعد عزوفها عنه لسنوات كثيرة منذ دخول هذا الفن إلى الجزائر . و
أصبح الراب يملك جمهور واسعا من الشباب المراهق .
لكن من وجهة نظر آخرى يرى البعض أن الفنان الجزائري لم ينتهز الفرصة للخروج
بهذا الفن إلى مكانه الأصلي , ألا و هو الشارع , و هذه المواقع الإلكترونية قد
تكون أغلقت على الحركة الفنية و أدرجتها في خانة " الحركة الوهمية "
المتمثلة في أربع عناصر " البارطاج , اللايك , التعليقات و نسب مشاهدة على
اليوتيوب " . فالغرب حقيقة لم يستعمل هذه المواقع لتكون ساحة رئيسية للحركة
الثقافية و الفنية , لكنهم يستفيدون منها للدعم المادي و الإعلاني التجاري و كسب
المزيد من الجماهير عالميا . كما أنهم لم يتخلوا عن المهرجانات و الحفلات التي
تعتبر خط التماس الأول مع الجمهور الحقيقي .
كما أثبتت صفحات الفايسبووك أنها لن تقدم البديل أو المجال الكافي للتقدم
بفن الراب , مهما كانت المحاولات و المبادرات , لكن ما لم يفهمه الكثير هو تحميل
هذه الصفحات أكثر مما يجب أن تتحمل , و لا يمكن بأي حال من الأحوال تحميلها
مسؤولية ثقافة بأكملها .
هي نقطة إجابية إستفاد منها الراب الجزائري هذه السنة , أسماء شابة كثيرة
برزت و تركت بصمات و زرعت روح أمل في هذا الفن الذي بقي منحناه رتيبا فنيا طيلة
مدة قد تكون قاربت العشر سنوات , دون لمسة فنية أو إبداعية واضحة و غياب الشخصية
إن قدمنا الإستثناء للركائز , لكن هذه السنة بالذات , لمسنا إستفاقة فنية في
موسيقى الراب , رأينا الجميع يحاول الظهور بصفة المحترف و القوي و ذو الشخصية
الفنية , فنانين شباب أثبتوا قدراتهم الفنية سواء على مستوى النص , النوعية ,
الموضوع , الرسالة و حتى تقنيا و فنيا , طبعا لا يمكنني أن أكتب جميع الأسماء التي
لمعت هذا العام لكن سنكتفي بذكر أعمال تركت البصمة في آخر المقال .
بالنسبة للألبومات لم نرى الكثير منها هذه السنة على عكس الأشرطة "
ميكستايب " , ربما الألبوم الكلاسيكي الوحيد الذي شد الإنتباه هو ألبوم
" الجريمة" لفرقة " فايس
تو فايس " بعد عمل جبار من كليبات و تسجيل و توزيع و ألبوم و قد كسبوا إحترام
الجميع بل إحتلوا الصدارة في توجه الراب الواعي الهادف خاصة بأغاني مثل "
نتائج الفتن " .
العلامة الفنية : 16,5 / 20
" كتاستروف " للطفي دوبل
كانون " الذي نال حصته هو كذلك و لم يكن غريبا من فنان بلغ مستوى كبيرا جدا
من الشهرة و النشاط الفني محليا و دوليا و قد يعتبر الإستثناء في العمل تحت الإطار
القانوني و إكتساحه للسوق منذ سنوات .
كما أنني إستغربت عدم نجاح بعض
الميكستايبات " جماهيريا " من أمثال شريط " بري نوبل تع زبل "
لــ " لانفاكت " الذي صدر مع بدايات سنة 2013 , رغم أنه يملك لمسته
المختلفة بنصوص إجتماعية سياسية حساسة , و أكثر هجومية في إنتقاداته للأوضاع , التعامل
الجماهيري مع مثل هذا الشريط ظهر لي أنه بات أكثر إستهلاكية للأغاني المباشرة و
السهلة , و البعيدة عن اللمسات الإبداعية في النص و القنيات , ربما لأن الأذن
الجزائرية تعودت على نص الراي ( الملاهي ) السهل و المبتذل و السخيف في أغلب
الأحيان . كما لاحظنا أن الجمهور تجلبه البصريات و الصورة قبل الصوت و الرسالة .
Prix Noble ta3 Zbel - L'Nfect - 2013 - Mixtape
من الفنانين الذين تركوا إنطباعا جيدا منذ بداياته إلى الجمهور هذه السنة ,
" الحاس " غريب الأطوار موسيقيا و حتى نصيا , حيث انه قد بدى إلى البعض
أنه آلة بانشلاينية , بعد عناوين سيتذكرها الراب الجزائري كثيرا , أمثال "
الشواف الأعمي " " حكونا ماطاطا " و ميستر بين و بين " فالرجل
واضج جليا أنه لم يأتي ليقدم " الفاست فوود " بل فنا بشخصية و كاريزما
مختلفة كلية عما تعودنا سماعه , خاصة بإبتعاد عن النهج السردي و المباشرة في النص
, بل إعتماده على العبارات المجردة و التلاعب بالكلمات و القافية في الكثير من
المواضع في النص الواحد . في إنتظار " الشريط القادم – البونية – الذي يتوقع
أن يحدث الكثير من المفاجآت .
لا يمكن أن ننسى فنانا شابا هو الآخر له مسقبل واعد في الراب الجزائري إن
تقيد بروح الفنان الحقيقي و هو فلان بوروباز , الذي أظهر قدرات فنية رائعة , خاصة
في شريط " ضربة صحيحة " الذي قدمه قالب " أطوبيوغرافي و إجتماعي
بعبارات و تعبيرات ناتجة عن تأثيرات المحيط و من الشارع الحراشي , و إن سقط في فخ
التقليد أحيانا , إلا أنه يملك ما لا يملكه الكثير ممن هم في سنه , أعماله
الإغوتريبية لاقت النجاح الباهر كما أغانيه الإجتماعية من أمثال "المنسي"
. لكنه يحتاج إلى العمل الكثير فنيا , كعدم
الإكتفاء بالإنتاج المتسرع و التعامل مع الأغاني بالمزيد من الجهد و
الإبتعاد عن الإستهلاكية , لاحظت أنه قدم أغاني كان يمكن أن يقدمها بشكل أفضل ,
كأغنية " المنسي " التي رأيت أنها إحتاجت إلى تركيبة كلاسيكية من ثلاث
مقاطع و مقطع رئيسي . دون أن ننسى فنانين آخرين أمثال نيرمو و زاكو اللذان أثبتا
قدرات و إمكانيات هائلة تؤهلهم لإثبات الوجود على مدى طويل , و فرقة إيفوك بمدرستها
الجديدة و لو أن نشاطها لم يكن بالمستوى المطلوب إلا أنهم كسبوا إحترام الجميع ,
فاشو العبقري كما يحلو للبعض تسميته ملهب الحماسة نصوص جد رائعة راقية , آمسي مجهول و آمسي مجنون و توفيق تي آف
كينغ , و طبعا الغني عن التعريف " فيكا غانجا بعد أعمال جد ناجحة و عودة قوية إلى الساحة . على العموم جميعا قدموا مستويات رائعة كانت حتما في فائدة الراب الجزائري هذه السنة .
أمسي مجهول الذي قبل سلسلة من الأعمال هذه السنة أشهرها " Mon
Histoir
" التي جلبت الكثير من المستمعين و صنعت إسما للفنان على الساحة , خاصة و
أنها كانت " أطوبيوغرافيا " بحتة , بقصة واقعية من حياة الفنان , ألحق
هذا العمل بالكثير من الأعمال الأخرى طيلة السنة بنفس النهج و الطابع الموسيقي
الحزين , حيث ظهر أنه لا يتخلى عن النوع الذي يضمن إستمراريته جماهيريا , و أصبحت
أعماله رتيبة فنيا لا تأتي بالجديد الذي يذكر , فنيا و موسيقيا .
ألبوم " إكليبس " الذي قامت عليه الدنيا بالتغطية الإعلامية و
الإشهار و عند صدوره كانت الصدمة , لا جديد يذكر بكل بساطة , من وجهة نظري أرى أن
فرقة أفريكا جانغل أرادت القفز على مراحل كثيرة مازال بحاجة لها الراب في الجزائر
, ذهبوا مباشرة إلى التجارية و العروض و الشاو المبهر و الساحة لم تكن مهيئة لذلك
بعد , لو كانوا في بلد آخر ربما يمكنهم الدخول إلى المنافسة بتلك الطريقة , لكنهم
وجدوا أنهم ينافسون أنفسهم , فلا أحد بغيرهم يملك السبونسورينغ إن استثنينا لطفي و
هو البعيد كلية عن توجههم . خاصة و أن المجال الإعلامي الفني ضيق جدا , فإذاعة جيل
آف آم لا يمكنها تمنح المساحة الكافية لفن بجميع فصائله . أمنح الألبوم العلامة : 11/ 20
فرقة الطوكس التي أعتبرها الإستثناء في النشاط الثقافي الميداني , و لو
بغياب الأعمال الركحية محليا , قدموا حصيلة منوعة هذه السنة , بداية بسلسلة " الديزاد سايفر " التي
حاولت خلق حركة فنية ثقافية بالإحتكاك بين الفنانين الشبان و الكبار , بمشاركة
حوالي 30 فنانا . بعدها كليب نظرية الوجود , ثم روميكس " زاكسولوجي " ,
إلى " الشوو كايس إكزينوس " العرض المصغر للتعريف بالألبوم القادم
للرابر " إكزينوس " " دكتوراب " , و تم تنشيط الحفل من عدة
فنانين من الغرب الجزائري بحضورمعتبر للعنصر الخامس . كما تمت مشاركة الفرقة في
تظاهرتين دوليتين بمرسيليا و ليون الفرنسيتين , و التحضير لمفاجئة سنة 2014
بالفيلم الوثائقي البيوغرافي " The Father " . . . التي ينتظر شهر جانفي 2014 . و أعمال أخرى كثيرة كالـ " Archivex et
le concours
remix Nadhariate el Woujoud .
فنانان آخران سيفتقدها الراب الجزائري و هما " تشيسطا الذي بعد أقدم
ألبوم –En Etat d’urgence- إنسحب يوم 1 أفريل من العام
الماضي , و عبدو آل ديماك " الذي جلب الإنتباه بعد سلسلة فريسطايلات , آخرها
الذي كان مغايرا في النص و الموسيقى بطابع إجتماعي سياسي , لكن الإثنين إختارا الإنسحاب بعد مدة قصيرة
في مسيرة الراب بعد أن كان يتوقع لهما مراتب جد متقدمة على الساحة و يعتبرا من
الخسائر التي تعرض لها الراب سنة 2013.
نقطة هامة هي كذلك و هو التطور الملحوظ على مستوى إنتاج الكليبات المصورة ,
من تقنيات بصرية رائعة و إخراج بلمسات فنية متقنة , طبعا الكمية غلبت على النوعية
لكنها تبقى نقطة إجابية إستفاد منها الراب الجزائري هذه السنة .
الإعلام الجزائري , هو بدوره مزال يتخبط في إثبات نفسه , لكن لو تكلمنا عن
دور في مجال الهيب هوب , فهو مزال بعيدا كل البعد عن فهم مكونات هذه الثقافة و
عناصرها , و المشكل في القائمين على هاته المنابر الإعلامية الهشة التي لا تقدم و
لا تأخر سواء في السياسة أو في الفن أو حتى فن طبخ .
من تقديم : أمين ديزاد راب
" المقال عبارة عن آراء شخصية بحتة تمثل صاحبها لا أكثر "
لمطالعة مقالات نقد فني للراب الجزائري يمكنكم أيضا زيارة المدونة الإلكترونية :
مقالات كتبت في 2013 :