" الحصيلة 2014 "
كانت البداية بالشريط ميكستايب البونية للحس ,
نقلة نوعية في طريقة تعامله مع النص و بناء الشخصية الفنية في فترة قصيرة , شريط
غني عن التعريف بعد النجاح النوعي الذي وصل إليه ثم أبدع بسينغلات أكثر روعة منها
ألف كرهة و كرهة , يلحقه شريط ألكاتراب لفلان الشاب العضو في فرقة بوروباز , شريط
أثبت علو كعب الفتى على مستوى الكلمات و تقنيات الكتابة و الإلقاء , لكنه دون سابق
إنذار يعلن عن توقف مسيرته الفنية في بدايتها , دون أن ننسى سلسلة الفريسطايلات التي
تواصلت منذ 2013 التي قدمها آل دي ماك , ريشته التي وعدت بالكثير لكن هذا الأخير
أيضا يعلن إيقاف مسيرته , أحسسنا أن الساحة كانت تعاني نزيفا في المواهب الشابة حينها
, ألبوم بيل و فاص لبلان 23 , أيضا لاقى نجاحا كبيرا وسط محبي موسيقى الراب ,
مواضيع و جو موسيقي قدم إضافة للساحة الفنية , كما الراد لاليرت هو الآخر الذي
أبدع بسلسلة فريسطايلات سكيزوفريستايل ما قبل الألبوم المنتظر سكيزوفراد بإبداعات
المنتج دي آي , الراد لاليرت أظهر قوة كلماتية و إختيارات موسيقية صائبة في أغلب
خرجاته طيلة السنة . ميلومان أيضا بألبومه قدم مجهودا فنيا راقيا هذه السنة و لو
بعض النقائص التقنية , لكنه سيستفيد منه كخبرة فنية أكثر منه نجاحا جماهيريا , و
ألبوم الهادي سيمينوف الذي سوق تجاريا لكن دون ضجة إعلامية تذكر و نجاح جماهيري
كبير , و الأمر يعود دائما لركود سوق الفن الجزائري لكنه يبقى عمل يجب إحترامه فهو
يشجع على إستمرارية الفنان و مجهوداته .
الأمر الجميل هذه السنة إنفجارات إرتدادية لمواهب
دخلت بقوة على الخط , إيكوزيوم و كلام و فرقة بلاد الفن , زاد كا و ليل بي و
لانونيم و و البين بين الجبهة و البي في آل كرو , سايكو المخضرم , آمسي آرتيزان و
تيتي آش كلها أسماء قدمت أغاني منفردة لاقت نجاحات كبير نظرا للكم الكلماتي و
الإبداعي الذي أبانوه عبر أعمالهم أتوقع أنهم من سيكونون رواد الجيل القادم للراب
الجزائري بالتحلي بالروح الفنية المبدعة و النظرة الراقية للفن كقضية و أفكار أكثر
من مجرد راب.
أما المبدع فيكا غانجا , فقد رمى بكل ثقله هذه
السنة من وفرة في الأغاني المنفردة و التنوع الموسيقي , من " وين رايحة
" " ألو بوتفليقة " و " خليني نروح " " راني بعيد
" مع سول جي , و كلها لاقت تجاوبا جماهيريا لم يسبق لفيكا أن وصل إليه سابقا
, أظن أنه لو يواصل بهذه الطريقة سينجح في مسيرته الفنية خاصة بعد تواصله للتعاون
مع حصص أمثال " واش قالوا في الجرنال " و توسع كبير في قاعدته
الجماهيرية .
كريم الغانغ هو الآخر الذي أحسن التموقع على
الساعة بأغاني منها فراش الموت و فوضى و الجميل أنه كان ذكيا جدا في التسويق
لشخصيته الفنية عبر وسائل الإعلام في خطوة تقرب الجمهور أكثر لموسيقى الراب التي
تعاني من مشكل إعلامي في التسويق المعنوي على الأقل . كما أن الكتاب الذي ألفه
" أفكار لن تموت " جعل الكثيرين يغيرون أفكارهم بخصوص هذا الفن و رواده و هي خطوة لاقت استحسانا من الجميع للثقل
المعنوي الذي حمله هذا العمل أكثر منه مضمونا .
فريد كلاميتي أيضا قدم أعمالا جيدة طيلة السنة ,
أنهاها بعمل لم أكن أتوقع صراحة ذلك المستوى الذي أظهره في أغنية " الهدرة ماللاخر " دون أننسى أغنية
" فيدال التي قدمها في كليب رائع , حقيقة زادت رغبتي في سماع ألبوم منفرد له
, خاصة و أنه من رواد الجيل الثاني للراب لجزائري كما أنه مثال للمنتج المجتهد في
جل إنتاجاته الموسيقية .
بالنسبة للكليبات رأينا أعمال ناجحة كثيرة , من
فوطيو عليا لعدلان غايم أوفر , حرك اللعب لطوكس , يا بلادي لبروت صون و فيدال
لكلاميتي . . . و الكثير من الأعمال الأخرى التي كانت محترفة سيناريو و صورة و هو
أمر نلاحظ تطوره الإيجابي في كل سنة رغم تخلفنا عن البلدان الأخرى في مجال السمعي
البصري . و لو أن الإستثناء هذه السنة كان الأروع عبر الفيلم الوثائقي الذي أنتجه
وليد بن يحيى بعنوان " ذو الفاذر " و كانت فكرته حول مغني الراب "
الشيخ مليك – فادافيكس " حاملا هذا الفيلم أفكارا رائعة و رؤية ومغايرة لمغني
الراب حيث نال هذا الأخير جائزة في مهرجان للفيلم القصير بمدينة سطيف و كان فعلا
هذا الفيلم نموذجا للشباب المبدع حيث أن الإرادة و العزيمة و مبدأ العمل بعد
الفكرة لا يحتاج لدعم السلطات كي تنتج ما تريد و تنجح .
لا يمكننا تجاوز فيلم " فايك " لأو آي
إنتاج , من إخراج إسلام بوناش و أسامة بوناش من مدينة الميلية بجيجل , فيلم نجح
بموضوع و فكرته الراقية جدا و الذي نال جوائز محلية للأفلام القصيرة أيضا .
مبادرات فنية شهدناها منها "ورشة الكتابة"
الفكرة قدمها كل من باديد و فايزة ليلو و تنشيط الشيخ مليك و بانيس كانت رائعة في
شكلها و مضمونها الثقافي الرائع , و مجهودات فردية لشباب يؤمن بأفكاره و نمط عيشه
.
ورشة الغرافيتي بالعاصمة التي شارك بها الكبير
"السيد" ذو الأصول التونسية و
العديد من الفنانين الجزائريين من مدارس الفنون الجميلة أين أبدعوا بأفكارهم في فن
الغرافيتي و هو ما يثبت أن المواهب تحتاج لبعض الإرادة و العناية لتقديم أرقى
أنواع الفن .
أما بالنسبة للحفلات هذه السنة لم تكن بالشيء
الكبير و لو بعض الإستثناءات التي قدمها الطوكس في عروض كانت قمة في التنظيم كان
بـ we love hiphop Oran & Alger و التي صاحبتها مسابقات في
الإنتاج و عروض للفيلم القصير " ذو فاذر " . حفلات أخرى قدمها كريم
الغانغ و فريد كلايمي في عروض مزدوجة للثنائي كانت ناجحة جميعا من خلال الحضور
النوعي للجماهير , طبعا على مستوى العاصمة رأينا حفلات مصغرة لفرق عاصمية شابة
كالبوروباز و الجبهة و البي في آل كومبلو . الجدير بالذكر هو أن كل العروض و
الخرجات الفنية التي تغذي ديناميكية الحركة الثقافية , صغيرة كانت أم كبيرة , فهي
أمر جيد جدا , فالإحتكاك الفني و الجماهيري أمر حتمي لتطور الشخصية الفنية لأي
فنان كان و مصدر حيوي لمواصلة المشوار .
نقطة سلبية ظهرت بقوة خلال هذه السنة ,هي شبه
إختفاء كامل للألبومات المنفردة أو المتعاونة ذات الثقل الفني و الموسيقي الكبير,
و ضخ كبير للإنتاجات عبر شبكات التواصل الإجتماعي , أمر مؤلم بالنسبة لفن بحجم
الراب الجزائري أن تمر سنة دون حديث عن ألبوم بعيار ثقيل . و هذه النقطة ما هي
تحصيل حاصل للشرخ الكبير الذي تعانيه السوق التجارية أو الإعلامية للفن و خاصة
الراب و الركود الحاصل بها الذي يعود لعدة أسباب , فمن غير المعقول أن أربع أو خمس
ألبومات على طول العام و دون أي أثر على السوق يمكن أن يكون أمرا عاديا بالنسبة
لفن عاش قرابة 20 سنة في الجزائر .
لكن الراب الجزائري شهد أحداثا كثيرة خلال هذه
السنة منها الإيجابي و منها السلبي , على سبيل المثال , دخل الراب على الخط في
الإنتخابات الرئاسية , بأغنية حادة من لطفي دوبل كانون وجهها للوزير الأول أحدثت
ضجة كبيرة عبر وسائل الإعلام بعدها آتى عزو هود كيلار ليقف في الجهة الأخرى
متضامنا مع السلطة و يرد بكلاش موجه للطفي دوبل كانون , حينها أبدى الجميع رأيه
بخصوص تسارع الأحداث . منه من رآى الأمر ركوبا للحدث و يؤثر سلبا على صورة الراب
المهتزة أصلا لدى السلطة و المجتمع على حد سواء , و منه من قال أنه أمر طبيعي أن
نرى الفن يعبر عن رأيه و يشارك الحياة السياسية و الإجتماعية بل يفرض نفسه إعلاميا
و هو أمر إيجابي , و هنا رأيت أن الراب كسب و خسر في آن واحد , بالسنة للمجتمع فقد
فرض الراب نفسه على أنه فن فعال و مشارك في الحياة و مجرياتها اليومية عكس باقي
الفنون , و بالنسبة للسلطات كما قلت سابقا أصبح فعلا الفن الوحيد الذي يزعج النظام
, فالباقي أثبتوا قابليتهم للشراء , بصريح العبارة يؤلمني فعلا أن أرى الفن
الجزائري اليوم بدون قضية واضحة و لا هو , و تبقى فنون الأنديرغراوند كالراب و
التصوير و الفنون التشكيلية الوحيدة التي تقاوم و تؤمن بقضاياه و التي يراها البعض
سباحة عكس التيار , لست مجبرا على أن أصفق لفنان دون مبادئ و يشترى بالدينار
الرمزي فقط ليروج لنظام بائس تمت تعريته بعد أول هزة . نعم أعزائي الفن ذو قضية
واضحة و يجب على جميع الفنانين الإلتزام بمبادئ نظرية الوجود , أي أن تكون أو لا
تكون . لكن حتى إزعاج هذه الفنون للنظام تصنف في خانة إيجابية , فالمهم أنك تؤثر و
لا تتأثر في إطار هوية و قضية .
نحن لا نجبر الفنان على الزج به في السياسة لكن فن
دون هوية أو قضية لا يمكنه أن يدوم أو يعمر طويلا و الأمثلة كثيرة .
رغم كل العناصر الإيجابية التي ذكرت , يبقى الراب
الأنديرغراوند يعاني , فكما قلت سابقا , أصبح الراب الجزائري يملك قلة من الفنانين
و مجموعة من الرابرز و ترسانة من المبتدئين , و السبب الواضح هو مستوى الثقافة
الفنية التي وصل إليها المجتمع الجزائري من تدني و إنحطاط و الأمثلة كثيرة ,
الجميع ينتج و يضخ على الأنترنت , و بصيص أمل آخر رغم إنتعاش ثقافة التعامل مع
المنتجين في إنتاج الأغاني إلا أنه يبقى هناك خللا في هذا الصدد من حيث النوعية و
الكم و الكيفية و ربما التواصل و الإحتكاك الفني أيضا .
نقطة أخرى يجدر التنويه لها , هو الضغط الحاصل على
صفحة ديزاد راب , أمر غريب أن تصبح صفحة على الفايسبووك تتلقى ضغطا كبيرا لتغطية
فن كامل في الجزائر , رغم مجانية الصفحة و عملها التطوعي , و هو أمر غائب الوجود
في بلدان آخرى , و أظن أن هذا الضغط هو نتيجة إنغلاق المنابر الإعلامية على هذا الفن
و عدم درايتها بهذه الثقافة و تعاملها معها بحذر بإستثناءات طبعا كحصة هيب هوب
بلانيت و سابقاتها , و إن كانت الصفحة تطمح للخروج من الحيز الضيق لشبكة التواصل
الإجتماعي و تأخر هذا الأمر بسبب غياب مصادر التمويل صراحة لإنتاج الحوارات و
التغطيات الإعلامية و التنظيم و غيرها من الأمور الأخرى و الواقع أن غياب الربح
المادي من الإستثمار في الفن سبب في تدهور الأوضاع الفنية بشتى مجالاتها .
إلى نهاية سنة 2014 كانت هناك أمور إيجابية و أخرى
سلبية أدركناها و تواصل لمشاكل أخرى منذ سنوات , و الأمر الواقع أننا نملك كل
المؤهلات و المواهب للإنتقال إلى مرحلة أخرى في الفن الجزائري عموما , كما أننا
نحتاج للكثير من العمل و الصبر للقيام بذلك فالكلام وحده لا ينفع .
" أمين وناس
" : صفحة ديزاد راب . كوم